تاريخ العراق

وضع العراق تحت الانتداب البريطاني

وضع العراق تحت الانتداب البريطاني

في مثل هذا اليوم عام 1920 قررت المملكة المتحدة إنشاء كيان جديد يجمع ثلاث ولايات هي بغداد والبصرة والموصل بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وانتصار الحلفاء، واختارت اسم العراق الذي كان يطلق على المنطقة الممتدة من تكريت شمالا حتى عبادان جنوبا في السابق.

تأسس العراق من ثلاث ولايات وهي ولاية بغداد وولاية البصرة وولاية الموصل العثمانية السابقة. وفي عام 1926، تم التصويت في مناطق ولاية الموصل الشمالية على البقاء ضمن العراق، فقد كان الأتراك لا ينقطعون عن مطالبتهم بولاية الموصل منذ عام 1918، وحتى عقد معاهدة لوزان حين اعترفت تركيا رسميا بأن ولاية الموصل جزء من العراق ولم تعد تطالب بها رسميا، لتشكل هذه المناطق الحدود الإقليمية للدولة العراقية الحديثة.
وبعد رحلة طويلة من الكفاح والنضال استمرت 12 عاما، انتهت بإعلان مجلس عصبة الأمم في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1932، قبول العراق عضوا فيه، لينال بذلك استقلاله ويتحرر من الانتداب البريطاني، ذلك اليوم الذي كان نقطة تحول في تاريخ البلاد الحديث على المستوى السياسي والاجتماعي.
الخلاف حول كيفية إنهاء الانتداب أشعل الصراع السياسي بين قادة العراق آنذاك، مما دفع الملك فيصل الأول لدعوة رشيد عالي الجيلاني -أحد قادة المعارضة آنذاك- لتشكيل حكومة جديدة، لكن خطوة الملك لم تنجح في تهدئة الخلافات، وجرى تغيير 5 حكومات في عامين

الانتداب على العراق

يُعرّف الانتداب بأنه نظام سيطرة وإدارة ابتدع بعد الحرب العالمية الأولى، بإدارة البلدان أو الأقاليم التي انتزعت من الدولة العثمانية وألمانيا. وأُقر هذا النظام في مؤتمر سانريمو بإيطاليا في أبريل/نيسان 1920، بحسب أستاذ العلوم السياسية في بغداد ياسين البكري.
ويضيف البكري للجزيرة نت أن العراقيين لم يتقبلوا فكرة الانتداب البريطاني على بلادهم، واعتبروه احتلالا، مؤكدا أن هناك رفضا عراقيا لصيغة الانتداب تكلل بأكثر من ثورة، منها ثورة العشرين وثورة محمود الحفيد في السليمانية.
وتجسد الرفض العراقي للانتداب في خطاب التتويج للملك فيصل الأول في أغسطس/آب 1921. وبحسب البكري، فإن في الخطاب ذكر بشكل واضح أنه يهدف لاستقلال المملكة العراقية من سيطرة بريطانيا.

من جانبه، يرى الباحث والمحلل السياسي باسل حسين أن الانتداب البريطاني شكّل مرحلة مهمة في تاريخ العراق السياسي الحديث، وفي تكوينه السياسي والجغرافي.
وأكد للجزيرة نت أن الانتداب دفع نخب عراقية إلى رفضه في أكثر من شكل، سواء عن طريق تشكيل مندوبين من شخصيات عراقية من مختلف أطياف الشعب العراقي لمقابلة الحاكم المدني البريطاني آنذاك أرنولد ويلسون، أو عن طريق تشكيل جمعيات مناهضة الانتداب مثل جمعية حرس الاستقبال السرية وصولا إلى ثورة العشرين في يونيو/حزيران 1920.
وشهدت فترة العشرينيات صراعا حادا بين بريطانيا والعراقيين، ولا سيما من قبل المجلس التأسيسي، حول التواجد البريطاني في العراق ودوره السياسي والاقتصادي في البلاد وتعديل بنود الاتفاقية.
ويضيف حسين أنه كانت هناك نزعة وطنية متصاعدة للحد من هذا النفوذ مدفوعة بدعم الملك فيصل الأول، حتى وصلت الأوضاع إلى توقيع معاهدة 30 يونيو/حزيران، ثم إلى انتهاء الانتداب البريطاني الذي استمر 12 عاما ودخول العراق في عصبة الأمم عام 1932.

كيف انتهى الانتداب؟

مرت سيطرة بريطانيا على العراق في مراحل عدة، بدأت بمرحلة الاحتلال (1914-1918)، ثم مرحلة الحكومة المدنية البريطانية التي انتهت مع الانتداب 1920، واستمرت مع تأسيس الملكية العراقية حتى انتهاء الانتداب البريطاني عام 1932، بحسب المؤرخ العراقي سيار الجميل.
ويضيف الجميل أن المفاوضات العراقية البريطانية بدأت من أجل عقد معاهدة جديدة في 31 مارس/آذار 1930، وقد ترأس الوفد العراقي الملك فيصل الأول، والوفد البريطاني المندوب السامي فرانسيس همفريز، لافتا إلى أن الحكومة العراقية كانت تنشر بيانا يوميا حول ما يدور في المفاوضات.
ويبين الجميل للجزيرة نت أنه في 8 أبريل/نيسان 1930، صدر أهم بيان عن الحكومة العراقية بشأن المفاوضات، يتضمن نقاط الاتفاق.
وكانت الاتفاقات تنص على أن المعاهدة التي تجري المذاكرة فيها ستدخل حيز التنفيذ عند دخول العراق عصبة الأمم، كما أن وضع العراق سيكون وضع دولة حرة مستقلة.
ويتابع المؤرخ العراقي أنه تضمن أيضا إنهاء جميع المعاهدات والاتفاقات الموجودة ما بين العراق وبريطانيا عند دخول المعاهدة الجديدة حيز العمل، والانتداب سينتهي بطبيعة الحال.
وبذلك انتهى الانتداب البريطاني على العراق، ليغدو دولة مستقلة ذات سيادة وعضوا في عصبة الأمم، بحسب الجميل.

ووجد العراقيون آنذاك أنهم أول من حصل على استقلاله الوطني من شعوب المنطقة، كما شعروا أنهم في دولة ذات سيادة ومستقلة رسميا ولها عضويتها في عصبة الأمم، حيث يرى الجميل أن هذا أمر ليس بالقليل مقارنة بغيرها من دول المنطقة، إذ غدت مكانة العراق كبيرة ومحترمة في العالم حتى عام 1958.