قبل نحو 15 عاماً، صوَّت السيناتور جو بايدن على رفض قانون تعديلات قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية (المادة 702) الذي شرّع برنامج مراقبة جماعي سري يسمح للحكومة بجمع المكالمات الهاتفية الدولية والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الاتصالات الرقمية للأمريكيين، واصفاً إياه بأنه “عاجز دستورياً”، ومع ذلك أصبحت إدارته تدافع اليوم عن هذا القانون نفسه بناءً على طلبه.
ثم صرح بايدن بأنه كان يصوّت بـ “لا”؛ لأن المادة 702 ستكون توسيعاً مذهلاً وغير دستوري لسلطات الرئيس، ومن غير الضروري على الإطلاق معالجة المشكلات التي حددتها الإدارة.
وأضاف وفقاً لما ذكرته منظمة American Civil Liberties Union: “أنه لن يمنح الرئيس بوش سلطة مطلقة للتنصت على من يريد مقابل تأكيدات غامضة وجوفاء بأنه سيحمي الحريات المدنية للشعب الأمريكي”.
فما هي المادة 702 التي تريد إدارة بايدن تمديد تطبيقها الآن؟ وما فحواها؟
ما هي المادة 702، ولماذا يريد بايدن تطبيقها؟
أنشئ برنامج مراقبة الإنترنت، والذي ينطوي تحته برنامج “بريزم” (PRISM) من دون إذن للمرة الأولى سراً بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وجرى إقراره في قانون لاحقاً بوضعه في المادة رقم 702 من قانون المخابرات الخارجية في عام 2008.
تعتبر هذه المادة سلطة بالغة الأهمية لجمع المعلومات الاستخبارية تمكن مجتمع الاستخبارات (IC) من جمع وتحليل وتبادل المعلومات الاستخباراتية الأجنبية حول تهديدات الأمن القومي بشكل مناسب.
ووفقاً لما ذكره موقع INTEL.gov الخاص بالاستخبارات الأمريكية تسمح المادة 702 بجمع معلومات استخباراتية مستهدفة لأنواع محددة من المعلومات الاستخباراتية الأجنبية – مثل المعلومات المتعلقة بالإرهاب الدولي أو حيازة أسلحة الدمار الشامل – التي يحددها المدعي العام ومدير الاستخبارات الوطنية (DNI).
كما تسمح المادة 702 فقط باستهداف الأشخاص غير الأمريكيين الذين يُعتقد بشكل معقول أنهم موجودون خارج الولايات المتحدة، أي أنه لا يجوز استهداف الأشخاص الأمريكيين وأي شخص في الولايات المتحدة بموجب المادة 702.
كما تحظر المادة 702 “الاستهداف العكسي” – أي لا يجوز لـ IC استهداف شخص غير أمريكي متواجد خارج الولايات المتحدة إذا كان الغرض من التجميع هو جمع المعلومات، عن شخص أمريكي أو أي شخص مقيم في الولايات المتحدة.
في حين وصفت العديد من الصحف الأمريكية من بينهم صحيفة وول ستريت جورنال بأن المادة 702 من قانون الاستخبارات الأجنبية تعتبر “أقوى الأدوات التي تستخدمها وكالات التجسس الأمريكية”.
وبأن المعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال المادة 702 تشكل نصف المعلومات الاستخباراتية التي يتم تقديمها للرئيس الأمريكي يومياً.
في حين يتطلب الاستمرار بتنفيذ هذا القانون تجديداً دورياً؛ حيث تتم مناقشته في الكونغرس، لضمان توفر أسباب وحاجة تبرر الاستمرار بعمله في الوكالات الفيدرالية الأمريكية.
التجسس عن طريق فيسبوك وجوجل
وفي ورقة بحثية لمركز الديمقراطية وتكنولوجيا أكدت أن المادة 702 من قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية (FISA) تسمح بجمع واستخدام ونشر محتوى الاتصالات الإلكترونية المخزن عبر الإنترنت في الولايات المتحدة، ويتم جلب هذه المعلومات من خلال التجسس على خدمات مثل “فيسبوك، جوجل، مايكروسوفت”.
في الوقت الذي يدعي فيه كبار مسؤولي إنفاذ القانون والاستخبارات الأمريكيين في رسالة للكونغرس، إن “المادة 702” أساسية “للتعرف على المنظمات الإرهابية الأجنبية”.
جاء اليوم الذي لم يتوقعه بايدن!
لكن ما لم يتوقعه بايدن هو أنه في يوم من الأيام سيأمر إدارته بالدفاع عن هذا القانون نفسه، إذ إن التشريع الآن عالق في بيئة سياسية مستقطبة بشكل متزايد، وشهدت دعماً قوياً من قِبل الحزب الجمهوري المنشق، حيث يتوق بعض المشرعين من الحزب الجمهوري إلى إصلاحه، فيما شهد انقساماً بين الديمقراطيين حول كيفية إنقاذه.
وقد اعترف مكتب التحقيقات الفيدرالي بالانتهاكات السابقة المتعلقة بالبيانات التي تم جمعها بموجب المادة 702، مثل استخدامها للتجسس على الاحتجاجات السياسية المحلية، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
لكن التشريع أثار أيضاً ازدراء بعض الجمهوريين الذين أصبحت شكوكهم متزايدة بشأن مراقبة الحكومة الأمريكية بعد التحقيق في الحملة السياسية للرئيس السابق دونالد ترامب عام 2016 بشأن العلاقات المحتملة مع روسيا.
إذ خلال فترة وجوده في منصبه ومنذ مغادرته، اتهم ترامب مراراً مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالات أخرى بارتكاب مجموعة من الانتهاكات، بما في ذلك محاولة التجسس على حملته الرئاسية لعام 2016.
وقد تم تعزيز هذه الادعاءات بالنتائج التي توصل إليها المفتش العام لوزارة العدل بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي وافق بشكل غير لائق على مراقبة مستشار حملة ترامب السابق.
وأدخلت قيادة الكونغرس تمديداً قصير المدى لسلطة التجسس في مشروع قانون تفويض الدفاع السنوي الذي يجب إقراره والذي سيصوّت عليه المشرّعون في الأسبوع المقبل.
وبافتراض إقرار مشروع القانون، فإنه سيمدد تنفيذ المادة 702 حتى أبريل/نيسان 2023 فقط، عندما يتعين على المشرعين أن يقرروا كيفية تجديدها على المدى الطويل أو إيقافها.