بعد وفاة النبي محمد بايع الصحابة والمسلمون أبا بكر الصديق ليكون خليفة لرسول الله وأميراً للمؤمنين. في خلال 27 شهر، سحق تمرد القبائل العربية في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية أثناء حروب الردة واستعاد سلطة المدينة في الجزيرة العربية. بمجرد أن أخمدت نار الردة، بدأ أبو بكر الفتوحات الإسلامية وهي حملات ضد الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية البيزنطية، وبعد بضعة عقود ستؤدي تلك الحملات إلى قيام واحدة من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ.
بعد الانتهاء من حروب الردة، أغار المثنى بن حارثة الشيباني ورجال من قومه على تخوم ممتلكات فارس، فبلغ ذلك أبا بكر، فسأل عنه، فقيل له: «هذا رجل غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا ذليل العماد». ولم يلبث المثنى أن قدم على المدينة المنورة، وقال للصديق: «يا خليفة رسول الله استعملني على من أسلم من قومي أقاتل بهم هذه الأعاجم من أهل فارس»، فكتب له الصديق عهدًا. وقرر أبو بكر الصديق توسيع حدود الدولة الإسلامية، بدءًا من العراق إحدى أغنى الولايات الفارسية. اعتمد الجيش الذي فتح بلاد فارس أساسًا على المتطوعين للجهاد، تحت إمرة القائد العسكري خالد بن الوليد.
بدأت حرب المسلمين ضد الإمبراطورية الفارسية في نيسان/أبريل 633 م، حيث هزم جيش المسلمين الفرس في معركتين متتاليتين معركة ذات السلاسل ومعركة نهر الدم. كان هدف المسلمين الاستيلاء على مدينة الحيرة. بعد معركة نهر الدم، عاد جيش الخلفاء الراشدين تحت قيادة خالد بن الوليد مرة أخرى للحيرة؛ في الوقت نفسه وصلت أنباء الهزيمة في معركة نهر الدم إلى قطسيفون، فقرروا الاستعانة بالقبائل العربية الموالية لهم من سكان المنطقة.
موقع المعركة
كانت أرض المعركة سهلاً شاسعاً ممتداً بين مرتفعين يمتدان إلى حوالي ميلين وبارتفاع 30 قدمًا. شمال شرقي السهل يتداخل مع صحراء قاحلة، وعلى مقربة من الشمال الشرقي هناك فرع للفرات يسمى بـ«نهر خاسف».