تناولت شبكة “سي بي اس نيوز” الامريكية في تقرير لها جانبا اخر من خسائر حربي الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، والتي أصيب فيها حوالي 600 ألف من قدامى المحاربين بمرض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وتداعيات ذلك على عائلات الجنود داخل الوطن، مشيرة الى أنها تمثل ما اسمته “الخسارة الدائمة”.
وفي تقريرها، قالت الشبكة الأمريكية ان هناك عائلات تولت زمام الأمور في الجبهة الداخلية في الوطن، بينما كان ازواجهم وابائهم وامهاتهم يقاتلون في حروب ما بعد 11 سبتمبر/ ايلول في العراق أفغانستان، بينما اصيب حوالي 600 الف من المحاربين الأمريكيين القدامى باضطراب ما بعد الصدمة والتي يمكن أن تشمل أعراضها القلق والخوف والاكتئاب.
وفي التقرير المصور الذي عرضه برنامج “60 دقيقة”، ذكرت “سي بي اس نيوز”، إن “أعراض اضطراب ما بعد الصدمة معدية بدرجة ما حيث أن بعض أفراد العائلات مثل الاطفال والازواج الذين يعيشون مع قدامى المحاربين الذين تم تشخيصهم، غالبا ما يعانون من أعراض مماثلة، مثل القلق والاكتئاب”.
وتناول التقرير تجربة عائلة روتنبيري، حيث كان تشاك روتنبيري جنديا من المارينز نفذ مهمات عسكرية في العراق وأفغانستان، وخلال مهمته الثانية، كان في دورية عندما داس احد رفاقه من الجنود على عبوة ناسفة، مما ادى الى اصابة الجندي بجروح خطيرة، فيما قذف الانفجار روتنبيري بعيدا واغمي عليه.
وتابع التقرير ان روتنبيري اتجه نحو الجنود الجرحى ووفر لهم المساعدة التي انقذتهم أرواحهم.
وأشار التقرير الى أنه بعد عودة روتنبيري إلى منزله حيث يتواجد أطفاله وزوجته ليز التي كانت حاملاً بطفلهما الرابع، فإنه كان يعاني من اصابة في الدماغ واضطراب ما بعد الصدمة. ونقل التقرير عن ليز قولها إن زوجها “كان يختبئ في الغرف الخلفية، وكنت أجده يبكي، ولم يفهم سبب بكائه”.
ولفت التقرير إلى أن ابنهما كريستوفر، الذي كان يبلغ من العمر 7 سنوات في ذلك الوقت، تأثر بهذا الوضع، وعلى مر السنوات، كان يحاول حماية والده مما قد يثير اضطرابه، وحماية شقيقاته من الصدمة، وعندما أصبح عمره 12 سنة أصيب بزيادة الوزن وحاول ايضا الانتحار. ونقل التقرير عن الابن كريستوفر قوله “لقد قررت بشكل ما، أن عائلتي ستكون في وضع أفضل بدوني هنا”.
واستند التقرير التحقيقي على متابعة الجنود الذين خدموا في أفغانستان والعراق على مدى العقدين الماضيين، ومدى تأثير مهماتهم العسكرية واضطراب ما بعد الصدمة، على عائلاتهم.
وذكر التقرير أنه مع بداية العام 2005، تابع التقرير وحدة الحرس الوطني في ولاية ايوا لمدة عامين منذ لحظة استدعائهم للعمل وحتى التمديد النهائي لمهماتهم في العراق.
ولفت التقرير إلى أن أحد جنود هذه القوة كان دنفر فوت، وكانت زوجته، شانون فوت، في مرحلة المخاض مع طفلهما الأول، لاندن، عندما تلقى الاستدعاء للخدمة العسكرية على الهاتف الخليوي في دنفر. وقد عانت الزوجة شانون بينما كانت تعمل على إعالة نفسها وطفلهما لاندن، فيما كانت تعيش مع اهل زوجها، وتحاول مواجهة الاكتئاب، لكن عندما جرى تمديد خدمة زوجها دنفر، فإنها أصيبت بالدمار. ونقل التقرير عنها قولها “لا اعتقد ان حجم الوقت الذي قضاه هناك كان منصفا، ولم يتم تحقيق أي تقدم فعليا”.
وردا على سؤال عما إذا كان الاكتئاب منتشرا بين زوجات العسكريين الاخريات، قالت شانون “كل من تحدثت إليهم، هذا أمر شائع جدا بالفعل”.
وتتبع التقرير تجربة متعلقة بكتيبة خدمت في ولاية هلمند الأفغانية في العام 2009 عندما كانت الولايات المتحدة تشهد أكبر عدد من الضحايا في هذه المنطقة، وكان الملازم دان أوهارا هو قائد فصيلة، وقد قتل اثنان من مشاة المارينز في الكتيبة. وعندما سئل الملازم أوهارا كيف يمكن للجنود التمييز بين العدو وبين المدنيين بين السكان المحليين، قال “في غالبية الأحيان، لا يمكنك إلا أن يبدأوا في اطلاق النار عليك”.
كما تناول التقرير تجربة جنود عادوا في العام 2012 الى وطنهم في تكساس من الحرب، وكانوا يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة. ونقل التقرير عن الجندي كيفن توماس الذي خدم في العراق، قوله إنه كان يشارك في دورية ليلية مع جنود اخرين عندما تلقوا اتصالا يفيد بأن طائرة هليكوبتر تحطمت.
وتابع التقرير ان ما شاهده الجندي توماس ظل محفورا في ذهنه، حيث رأى “حطاما، مذبحة، جثث 25 الى 30 من الجنود المارينز. اخوة. عائلة”.
وذكر التقرير أن الجندي توماس عاد بعد 6 شهور الى منزله حيث توجد عائلته في هيوستن وبدأ يعاقر الخمر بكثرة وأصبح منعزلا في منزله،ولم يكن يدرك تماما ما كان يحدث له، كما انه فقد وظيفته وخسر ثقة عائلته، وصار يعتدي بالضرب على زوجته، ووجهت إليه تهمة الاعتداء كجناية.
ونقل التقرير عنه قوله “لقد كنت غاضبا بسبب العمل غير المكتمل في العراق. وأردت العودة إلى هناك”.
وختم التقرير بالقول إن “أهم شيء يجب أن تتذكره الامة هو أن هؤلاء المحاربين القدامى في هذه الحروب واطفالهم وازواجهم، ما زالوا يعيشون هذه المحنة، وهو أمر ينبغي ألّا ننساه”.