ابتلعت آلاف العراقيين

وفتحها يستغرق 5 سنوات.. ما قصة مقبرة "الخسفة" في نينوى؟

وفتحها يستغرق 5 سنوات.. ما قصة مقبرة "الخسفة" في نينوى؟

توقع مدير عام دائرة شؤون المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء، ضياء كريم، أن يستغرق فتح مقبرة (الخسفة) في محافظة نينوى 5 سنوات على الأقل.

وقال كريم، إنَّ “المقبرة تعد تحدياً كبيراً جداً للجهات القطاعية المعنية بهذا الموضوع”، مبيناً أنه “لم يسبق لأي فريق في العالم العمل على نوع يشابه هذه المقبرة الجماعية”، بحسب صحيفة الصباح الرسمية.

وأضاف أنَّ “المقبرة عبارة عن حفرة كبيرة جداً تنتهي بنهر من الكبريت، تعرضت إلى عمليات هدم وردم من قبل عصابات داعش الإرهابية”، مشيراً إلى “وجود وثائق وصور وخرائط جوية تؤرخ لعمليات الدفن وتاريخها”.

وأوضح كريم، أنه “تم تقديم مقترحين، أولهما الاكتفاء بجمع الرفات الموجودة على جانب المقبرة، فيما تخلد باقي الرفات وفق بانوراما ونماذج معينة نظراً لصعوبة فتحها، أما المقترح الثاني فهو أن تتضافر جهود أكثر من جهة قطاعية، كالطب العدلي في وزارة الصحة، ومؤسسة الشهداء، والهندسة العسكرية في وزارة الدفاع، والدفاع المدني في وزارة الداخلية، للعمل على فتح المقبرة التي قد يستغرق العمل فيها 5 سنوات على أقل تقدير، كونها عملية ليست سهلة وتحتاج لتخصيصات مالية كبيرة”.

وبين مدير عام شؤون المقابر الجماعية، أنَّ “التوجه كان نحو المقترح الثاني، مما استدعى الجهات الأربع لتقديم قائمة بالاحتياجات المالية واللوجستية إلى مجلس النواب، ولم ترد إجابة بهذا الخصوص لغاية الآن”.

وتابع أنَّ “الدائرة استطاعت الحصول على دراسات عن هذه الحفرة من جامعة الموصل التي اثبتت أن الطبقات الأرضية للتربة فيها معرضة للانهيار في حال رفع الأتربة، إلا أنَّ المؤسسات الحكومية يجب أن تقف عند رغبة ذوي الضحايا لحين ظهور الأمور بشكل جلي أمام الناس، وبالتالي إذا ما استحال الوضع بشكل نهائي يمكن أن تظهر هذه الصورة أمام المجتمع”.

وأشار كريم، إلى أنَّ “عدد الرفات الموجود في هذه المقبرة لا يمكن تحديده ما لم يكن هناك إنجاز للسجل الوطني للمفقودين والذي لا يقتصر على البحث فحسب، وانما هو مرجعية إحصائية بالتواريخ، ومتى ما أنجز يمكن أن تكون هناك أعداد وأرقام محددة، وبدونه يكون من الصعب جداً التكهن بهذا الموضوع، إذا ما علمنا أنَّ الحفرة استخدمت أصلاً بعد عام 2003 إلى حين القضاء على عصابات داعش الإرهابية بآخر معقل لها في محافظة نينوى”.

تعرف الخسفة، أو ما يعرف محليا الخفسة، بأنها حفرة جيولوجية عميقة تقع على بعد نحو 20 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل (مركز محافظة نينوى شمالي البلاد) وتعد واحدة من المقابر الجماعية التي استخدمها تنظيم “داعش” لتغييب جثث ضحاياه فيها خلال سيطرته على الموصل بين يونيو/حزيران 2014 ويوليو/ تموز 2017.

وتتباين أعداد الضحايا الذين ألقي بجثثهم في حفرة الخسفة، إذ وبحسب منظمات حقوقية، فإن الشهادات التي لديهم من سكان المناطق المحيطة تفيد بأن “داعش” كان يعدم فيها العشرات يوميا وعلى مدى سنوات، ويرجح بأن أعداد المفقودين فيها تصل إلى الآلاف، وهي بذلك تعتبر من أكبر المقابر الجماعية بالعراق إن لم يكن في العالم.

وبهذا الصدد، تؤكد فاطمة العاني مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب بأنه لا يوجد رقم حقيقي يؤكد أعداد من ألقي بجثثهم في الخسفة، إلا أن تنظيم داعش الارهابي وخلال سيطرته على الموصل نشر أسماء أكثر من 2070 مدنيا قتلوا ورمي بجثثهم فيها، لافتة إلى أنه ومنذ استعادة المنطقة من التنظيم حدثت مجازر بحق المدنيين من قبل مجاميع مسلحة، وتم إلقاء جثثهم بهذه الحفرة، ولم تقم الحكومة بالكشف عن هؤلاء الضحايا وانتشال رفاتهم أو تعويض ذويهم.

على الجانب الآخر، أكد نائب محافظ نينوى حسن العلاف عام 2022، أن الحفرة شهدت إلقاء ما يقرب من 4 آلاف جثة لمدنيين وعسكريين خلال سيطرة التنظيم على الموصل، وهو ما قد يعد أكبر مقبرة جماعية في العراق.

لم تشهد الخسفة أي محاولات لانتشال الضحايا بعد سنوات على استعادة الموصل من سيطرة تنظيم “داعش” الارهابي، وذلك بحسب ما يؤكده حسن العلاف نائب محافظ نينوى الذي أرجع ذلك لعدم امتلاك الحكومة المحلية القدرة المالية والفنية على فتحها وانتشال الضحايا، وأنها ناشدت منذ عام 2017 نظيرتها الاتحادية والمنظمات الدولية المعنية لأجل العمل على انتشال رفات الضحايا وإحصاء أعدادهم ومطابقة الحمض النووي مع ذويهم لأجل تعويضهم، مستنكرا محاولات ردم الحفرة ومطالبا بفتح تحقيق شامل تجاه الجهات التي عملت على ردم الحفرة.