الرئيس التركي يسعى إلى ربط ملف المياه والنفط بعقد اتفاق أمني مع بغداد على غرار الاتفاقية التي وقعها العراق العام الماضي مع إيران.
كشف وزير الدفاع التركي، يشار غولر، عن زيارة مرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان إلى العراق غداً الاثنين ، سيتخللها توقيع اتفاقية استراتيجية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة بين البلدين.
وتطرق غولر، في تصريحات صحافية، قبيل اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية في أنقرة، لزيارة أردوغان المرتقبة للعاصمة العراقية بغداد، وربما عاصمة إقليم كردستان العراق أربيل. وتعود الزيارة الرسمية الأخيرة لأردوغان إلى العراق إلى مارس 2011 عندما كان رئيساً للحكومة.
وقال غولر إن “الرئيس يتوجه إلى العراق الاثنين، وسنوقع اتفاقية استراتيجية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة”، مضيفا “أصدقاؤنا العراقيون لم يعلنوا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، لكن للمرة الأولى قبلوا فيها مصطلحاً قريباً من ذلك”.
وكانت بغداد أعلنت “العمال الكردستاني” تنظيما محظورا خلال الاجتماع الأمني رفيع المستوى العراقي التركي في العاصمة العراقية في 13 مارس الماضي، مؤكدة أنها لن تقبل أن يكون مصدر تهديد لجيرانها عبر أراضيها.
وعن البنود التي ستتضمنها الاتفاقية الاستراتيجية وما إذا كان بينها إقامة منطقة عازلة بعمق 30 كيلومتراً على الحدود التركية العراقية، قال غولر إن “المنطقة أنشئت فعلياً، لكن هناك بعض الأمور يجب إنجازها”. وألمح إلى أن تلك الأمور تتعلق بتطهير منطقتي “قنديل” و”غارا” شمال العراق من حزب العمال الكردستاني.
وكان الرئيس التركي قد أكد في تصريحات صحافية، الثلاثاء، أن قضية المياه ستكون واحدة من أهم بنود جدول أعماله خلال زيارته للعراق.
وأشار خلال حديث مع الصحافيين عقب اجتماع الحكومة في العاصمة أنقرة، الثلاثاء، إلى أن بلاده تدرس طلبات تقدم بها الجانب العراقي بخصوص المياه، مشدداً على أنهم سيسعون لحل هذه المشكلة معهم.
وقال “هم يريدون منا حلها وستكون خطواتنا بهذا الاتجاه، وهناك أيضاً قضايا تتعلق بتدفق الغاز الطبيعي والنفط إلى تركيا، وسنسعى إلى معالجتها أيضاً”. وتحدث أردوغان عن إمكانية زيارة أربيل عقب انتهاء مباحثاته في العاصمة بغداد، دون أن يحسمها ويحدد التاريخ.
وتسعى حكومة أردوغان لأن تجعل من حربها ضدّ حزب العمال الكردستاني الذي يتمركز مقاتلوه على أجزاء من شمال العراق، عاملا لصيقا بالتعاون الاقتصادي مع الجانب العراقي المدعو من قبلها إلى المشاركة بشكل فاعل في تلك الحرب التي تصنّفها كحرب ضد الإرهاب.
وسبق لأردوغان نفسه أن ربط بين الملفين بقوله إنّ طريق التنمية مهم لدول المنطقة وخاصة العراق وتركيا، مشدّدا على “أهمية العمل وفق مفهوم الكفاح المشترك ضد تنظيمات حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي بالنسبة إلى السلام والاستقرار”.
وشهدت العلاقات بين بغداد وأنقرة توتراً خلال السنوات الماضية، بسبب الحملات العسكرية التركية والهجمات في شمال العراق، حتى أن بغداد قدم شكوى إلى مجلس الأمن في هذا الشأن.
ويلاحق الجيش التركي مقاتلي حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية، وفي إقليم كردستان، وفي منطقة سنجار الجبلية.
وأقامت أنقرة التي تُهدد بتوسيع عملياتها هذا الصيف، عشرات القواعد العسكرية في كردستان العراق لمحاربة حزب العمال الكردستاني.
وكان العراق في السابق يقول إن العمليات تنتهك سيادته، لكن أنقرة تقول إنها تحمي حدودها.
ولم تتمكن أنقرة حتى الآن من التوصل إلى اتفاق أمني مع بغداد على غرار الاتفاقية التي وقعها العراق العام الماضي مع إيران للعمل ضد جميع جماعات المعارضة الكردية الإيرانية المسلحة في إقليم كردستان العراق. ومع ذلك، تعتقد تركيا أنها ستجني فوائد تدريجية من التعاون الاقتصادي مع بغداد والضغط الدبلوماسي المشترك لمواجهة حزب العمال الكردستاني.
والعراق خامس مستورد للمنتجات من تركيا في الربع الأول من عام 2024 (الحبوب، والمنتجات الغذائية، والمواد الكيميائية، والمعادن وغيرها). كما أنه الشريك الذي ازدادت المبيعات التركية إليه بشكل أكبر من غيره.
كما تُعد الموارد المائية من الملفات الشائكة بين البلدين، إذ يُعتبر العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغيّر المناخ والتصحر في العالم، بسبب تزايد الجفاف، فيما تُندد بغداد مراراً ببناء جيرانها (تركيا وإيران) سدوداً تتسبب بتراجع منسوب المياه الواصلة إلى الأراضي العراقية.
وكانت بغداد أجرت مع أنقرة عدة جولات مفاوضات، لكنها لم تنته إلى شيء، واتهمت تركيا، بالتعنت في ما يخص تخفيض معدّل إطلاق مياه نهري دجلة والفرات.
ويعدّ ملف توقف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق عبر ميناء جيهان التركي من بين الملفات العالقة بين بغداد وأنقرة، فيما حالت الشروط التركية دون استئناف تصدير الخام العراقي.
وأوقفت تركيا في العام 2023 صادرات العراق البالغة 450 ألف برميل يوميا عبر خط أنابيب العراق – تركيا الشمالي بعد حكم في قضية تحكيم صادر عن غرفة التجارة الدولية.
وأمرت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية تركيا بدفع تعويضات إلى بغداد بقيمة 1.5 مليار دولار تقريبا عن الصادرات غير المصرح بها والتي خرجت من إقليم كردستان العراق بين عامي 2014 و2018.
ويشكل مشروع طريق التنمية بندا مهما على أجندة أردوغان في العراق. وكشف وزير النقل والبنية التحتية التركي عبدالقادر أورال أوغلو، في تصريحات الجمعة الماضي، عن قرار تركي عراقي بإنشاء آلية مشتركة شبيهة بـ”المجلس الوزاري”، قد يشمل الإمارات وقطر أيضاً، لمتابعة المشروع.
وقال إن مشروع طريق التنمية من بين القضايا المهمة التي ستتم مناقشتها في إطار تعزيز التعاون بين تركيا والعراق خلال زيارة أردوغان لبغداد، لافتاً إلى أنه تم اتخاذ خطوات مهمة خلال العام الماضي بشأن “طريق التنمية”، وعقدت جولات من المباحثات الوزارية بين البلدين لتطوير التعاون، ونتيجة لاجتماعاتنا المنتظمة مع العراق، قررنا إنشاء آلية شبيهة بالمجلس الوزاري بين البلدين. وأضاف أورال أوغلو “ننتظر مشاركة الإمارات وقطر إلى جانب تركيا والعراق في المجلس الوزاري”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook